التفاصيل

مستجدات

الأكاديمية >التفاصيل
ندوة علمية حول العنف بالوسط المدرسي - 8 يناير 2018 الأرشيف

أكد  السيد محمد أضرضور مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة أن ظاهرة العنف المدرسي  التي تعتمل في الفضاءات المدرسية تتجاوز تعثر العلاقات بين المتعلم والمدرس إلى ديناميكية المسار الكلي والمتكامل للمنظومة المجتمعية في كل أبعادها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، إضافة إلى التحولات المتسارعة التي ما فتئت تعرفها منظومة القيم نتيجة لتطور تكنولوجيات التواصل والاتصال الحديثة، الأمر الذي أفضى إلى اتساع ظاهرة العنف بشكل عام، والعنف المدرسي بصفة خاصة.
 وأشار السيد المدير  الجهوي خلال ندوة علمية نظمتها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الرباط سلا القنيطرة حول العنف المدرسي تحت شعار» جميعا من أجل علاقات تربوية مبنية على الإنصات والحوار داخل المؤسسات التعليمية» بمشاركة ثلة من كبار المنظرين والأساتذة الجامعيين والباحثين السوسيولوجيين والحقوقيين  وبحضور المدراء الإقليميين ومدراء المؤسسات وعدد من الأساتذة والتلميذات والتلاميذ، أن العنف المدرسي أصبح يتناسل في فضاءات المدرسة، ويتخذ أشكالا مختلفة؛ مباشرة وغير مباشرة، سرية وعلنية... ولهذا فإن التساؤل يصبح مشروعا عن الأسباب المختلفة لظاهرة العنف في الفضاء المدرسي؟ وما هي مختلف تمظهراته؟ وتأثيرات العنف على التحصيل الدراسي، وعلى الفاعلية الداخلية والخارجية للمؤسسة التعليمية، وما هي الفئات الأكثر عرضة للعنف؟ وكيف تتعامل المؤسسة مع الظاهرة، وهل العنف المدرسي نتاج للمشاكل داخل الفضاء المدرسي كالمنهاج والعلاقة البيداغوجية... أم أن جذوره تمتد إلى فضاءات أرحب في المنظومة المجتمعية؟. وألا يعتبر تصاعد العنف في الفضاء المدرسي صورة من العنف في المجتمع بصفة عامة كعنف الملاعب مثلا...؟
 وختم  السيد محمد أضرضور كلمته بالسؤال عن كاريزما مدرس اليوم، وعن أثر الافتراضي على الواقعي في المدرسة، وأدوار البنيات الكلاسيكية في المدرسة في التصدي للعنف المدرسي؛ إنها حزمة من الأسئلة التي وكل أمر الإجابة عنها للمشاركين في أشغال هذه الندوة.
من جهته، أكد الدكتور المصطفى حدية أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة محمد الخامس بالرباط الذي عنون مداخلته ب: «العنف في الوسط المدرسي»، أن العنف ظاهرة اجتماعية غير متعلقة بالجانب السيكولوجي لكل فرد، بل إن الجميع يعاني من هذه الظاهرة؛ مما يستوجب التصدي لها بشكل حازم، و شدد على أنه لا يوجد تعريف لمفهوم العنف بالنظر إلى أنه مفهوم ملتبس ومتعدد الزوايا. كما أشار إلى أن العنف ظاهرة ناتجة عن عوامل التنشئة وليس غريزيا. كما قدم إضاءات عن حفريات العنف في المدرسة المغربية، مبرزا أن التحولات الكبرى التي يشهدها المجتمع المغربي، وانفتاح وسائل الإعلام على مجريات الحياة اليومية وانتشارها، هي التي وضعت العنف المدرسي في مستوى الظاهرة وأخرجته لدائرة الضوء بعدما كان أمرا عاديا ومسكوتا عنه، وأشار الدكتور المصطفى حدية بعد ذلك إلى مجموعة من الإحصائيات والدراسات التي تم إنجازها عن العنف بالمؤسسات التعليمية، وعدد أسباب العنف بالمدرسة  في تغيير نظرة أفراد المجتمع للمدرسة، وفقدان التعليم المدرسي لقيمته.، و ضعف التأهيل البيداغوجي للعديد من المدرّسين، وقصور المناهج البيداغوجية عن مسايرة التحول نحو مجتمع المعرفة الذي يستدعي بيداغوجيا جديدة تنمي لدى التلميذ مهارات وقدرات جديدة.، وغياب قنوات التواصل بين المدرسة والأسرة، وتصدّع النسق القيمي التقليدي، وبروز الأنانية وغياب التعاون، إضافة إلى التفكك الأسري.
و ساهم الدكتور عبد اللطيف كداي، أستاذ علم الاجتماع بكلية علوم التربية بالرباط بمداخلة قيمة  تحت عنوان: «المدرسة المغربية بين قيم العنف والحوار أية مداخل ممكنة في ظل الأزمة الراهنة» ، حيث انطلق من بديهيات مهمة ، وهي ضرورة الاعتراف بوجود أزمة حقيقية داخل المدرسة يجب التفكير في حلها. والاعتراف بأن العنف بات مرتكَزا بالمدرسة العمومية، وليس حدثا عابرا.  وأن  الحوار  غائب  بين كل مكونات العملية التربوية، وليس فقط بين الأستاذ والتلميذ، كما استفاض  الأستاذ عبد اللطيف كداي في تشريح أسباب العنف المدرسي، من خلال الإشارة إلى فشل التنشئة الاجتماعية الأولية التي تمارسها الأسرة والمدرسة، مما يؤدي إلى إحالة التلميذ على التنشئة الثانوية وهي التكنولوجيا التي تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.، كما تحدث عن فشل المدرسة في منح هوية للتلميذ، إذ ليست هناك بلورة لرؤية مشاريعية واضحة للتلاميذ، فالتلميذ لا يتكلم عن مشروعه الشخصي، لأن مشروعه اعتراف بوجوده، هذا الفشل يعطيه إحساسا بالعجز، فيتمرد على المدرسة ويفك ارتباطه بها وبالأسرة. ويعتبر البعض أن هذا العنف هو اعتراف بالوجود، وهو نوع من الحوار وفرض الذات.
وتحت عنوان: «من العنف إلى اللاعنف؛ ممكنات التغيير» شدت مداخلة الدكتور عبد الرحيم العطري؛ أستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بنعبد الله بفاس الأنظار، حيث استهل كلمته بالحديث عن أنواع الجروح النرجسية، مبتدعا جرحا رابعا هو جرح اللامعنى الذي هو حالة مستشرية من العنف والعنف المضاد، متسائلا عن أسباب هذه الأزمة بالمدرسة، هل هي أزمة قراءة أم تدبير أم تفكير أم إمكانيات، مؤكدا على أنها أزمة علائق وتواصل بين مكونات العملية التربوية. كما ذكر الدكتور عبد الرحيم العطري أن هناك التباسات قصوى تحيط بالمدرسة تتعلق بالتضخم الهوياتي وتضخم الذات، التباس إيديولوجي، فكلّ يقارب العنف الممارَس من زاويته، وبروز خطاب الارتياح حيال هذا الموضوع، والواجب أن نقرع الأجراس، كما أكد أن هناك اتجاها كبيرا إلى خلق فرضية تجعل من المدرسة كائنا خرافيا يعيش حربا. وهذا يقود إلى محاولة البعض خوض حرب ضد الأستاذ،  وشدد الأستاذ الجامعي على أن المدخل الرئيسي لحل لهذه الأزمة،  هو إعادة الاعتبار للأستاذ، لأنه رمز وأيقونة للمعرفة وللتربية. وتمثُّل المدرسة في دائريتها وليس في هرميتها.
من جهته لخص  السيد عبد العالي مستور؛ رئيس منتدى المواطنة الذي قدم ورقة بعنوان «العنف في الوسط المدرسي بين السياسات العمومية والمسؤولية المجتمعية» أسباب العنف المدرسي في إشكالية كبرى تتمثل في تحول عملية تقويم التعلمات من عملية تربوية عادية إلى امتحان الهدف منه الحصول على أعلى النقط دون مراعاة سؤال الكيف، النقط العليا التي أطلق عليها الباحث لقب «إله المدرسة» أضحت موجها رئيسيا لعلاقات ملتبسة وأحيانا مريضة بين مكونات المدرسة؛ من أستاذ وتلميذ وأسرة، كما شدد الباحث على أن غياب رؤية حول آفاق سوق الشغل تؤدي إلى تيه موجهات المدرسة الشيء الذي يؤثر سلبا على سير المؤسسة التعليمية ويتولد عنه العنف المدرسي، كرد فعل طبيعي تجاه رؤية غير واضحة. وقد بخّس الأستاذ الفكرة التي تحصر نجاح التلميذ في حصوله على معدل متميز، وفي ذلك إجحاف في تقويم دور المدرسة.
من جهته وقف الدكتور عبد الحكيم الحكماوي، رجل قانون، على المقاربة القانونية للعنف المدرسي  تحت عنوان: «العنف المدرسي، مقاربة قانونية»، مؤكدا على عدم حضور المتدخلين التربويين في صياغة المقتضيات التشريعية، مما نجم عن ذلك غياب مقاربة قانونية دامغة للعنف المدرسي. وقد ذكر الدكتور بمجموعة من العوامل التي تؤثر على تصور المجتمع للقانون المتعلق بالعنف، منها المؤثر الأسري، والعامل الإعلامي الذي يتدخل في تشكيل الرأي العام مع وجود منظومة قيمية متدخلة.
وعرض أستاذ القانون مجموعة من قضايا العنف المدرسي التي راجت في محاكم المملكة، ذاكرا حيثياتها وملابساتها. منهيا الحديث بالتأكيد على ضرورة التعامل بصرامة قانونية مع الأحداث المدانين في قضايا العنف المدرسي، وليس تمتيعهم بالحماية التي منحها لهم القانون بعد ضغوطات الجمعيات الحقوقية، وبعد انتهاء هذه المداخلات تم منح الكلمة لبعض المتابعين لهذه الندوة؛ تلاميذا وباحثين وأساتذة وفاعلين جمعويين ونقابيين، حيث تم التنويه بمداخلات المحاضرين وتمت الدعوة إلى تكثيف مثل هذه اللقاءات، وتم طرح مجموعة من الأسئلة على الأساتذة المتدخلين الذين أجابوا عنها.



​​ ا​لأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة ⵜⴰⴽⴰⴷⵉⵎⵉⵜ ⵜⴰⵏⵎⵏⴰⴹⵜ ⵏ ⵓⵙⴳⵎⵉ ⴷ ⵓⵙⵎⵓⵜⵜⴳ ⵕⵕⴱⴰⵟ- ⵙⵍⴰ- ⵍⵇⵏⵉⵟⵕⴰ شارع كمال الزبدي، حي الرياض، 10100، الرباط - الهاتف: 0600004219/0600004222 – الفاكس: 0538006831​